وللعمل مفاهيم أخرى

العمل واجب وضرورة يحتمها الإسلام ، فقواعد الدين، وسلوك الأنبياء والصالحين تشير إلى ذلك ، حين أدركوا قيمة العمل أياً كان نوعه ،
فجميع الأعمال التي نقوم بها مهما بدت في ظاهرها ضئيلة القيمة فلا يجب الاستهانة بها حيث أنها في النهاية لها قيمتها وأهميتها في حركة الحياة التي لا تستقيم بدونها .
**********
من هنا يظهر قيمة التوجيه النبوي " اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له " ومجموعة الأعمال التي نمارسها تمثل كل مجموعة عمل منها حلقة في سلسلة تكمل بقية الحلقات ، ولا فرق في ذلك بين العمل البدني والعمل الذهني.
***********
والمتأمل لحياة الرسل والأنبياء يجد أنهم –عليهم السلام – كانوا يمارسون مهناً وحرفاً متنوعة فمنهم الحداد ومنهم الأجير ، ومنهم راعي الغنم ، وغيرها ولم يقلل ذلك من قيمتهم ومكانتهم ..... فخير للمرء أن يعمل ليأكل من عمل يده بدلاً من أن ينتظر من يعوله ويلبي مطلوباته الحياتية..
********
فإنسان يقعد عن العمل مع القدرة عليه أعتقد أنه لا يستحق الحياة.. فهو بذلك يصير إنساناً طفيلياً على الحياة نفسها ، لذلك نجد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- يحذر من ذلك حين قال: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة."
**********
فما كان للحياة أن تتطور ولا أن ينال المرء ويحصل على قوته بدون عمل " هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه."
** وإذا كان الهدف الحقيقي من خلق الإنسان في هذه الحياة أمرين هما : * العبادة ** عمارة الأرض "وما خلقتُ الجنَ والإنسَ إلا ليعبدون" ...."هو أنشأكم في الأرض واستعمركم فيها."
*********
ولكن ربما يغيب عن البعض إن هذه العمارة ما كان لها أن تتحقق إلا بالعمل من أجل بلوغ الهدف، فالإنسان منحه الله قُوى ووهبه طاقات تكفل له قيادة سفينة الحياة من خلال عمل جاد ومنتج يعود عليه وعلى مجتمعه بالخير والسعادة المرجوة.
لذا نجد أن ديننا الحنيف يربط باستمرار بين الإيمان والعمل الصالح ، والعمل الصالح هو كل عمل مشروع مادام المرء يقصد به وجه الله تعالى ، ونفع الناس ، وجلب المصلحة لذاته وأهله ولكل من هو مسؤول عنهم.
حتى الإيمان نفسه لن يصدق بالتمني ولكن بما يستقر في القلب ويصدقه العمل...
من ذلك يتبين أن العمل في الإسلام مطلوب ، به ينال المرء ثواب الله ، على عكس نظرة التراث الإغريقي الذي يرى العمل غير الذهني وصمة اجتماعية توجب التحقير لصاحبها ، بل وصل الأمر إلى اعتبار اضمحلال الجسم الناتج عن هذا العمل يتبعه انحطاط في الروح..
كما يرون أن المواطن الصالح لا يكون أبداً من العمال ( كما أخبر عن ذلك د/ محمد حمدي زقزوق ( الإنسان في التصور الإسلامي )
==========
** كما أن النصرانية واليهودية تعتبران العمل ما هو إلا عقاب أحله الله بالإنسان رمى الله به البشرية بسسب ما اقترفه آدم- عليه السلام- من ذنب في الجنة فطرده الله من الجنة وقال له " ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها أيام حياتك." و"...... بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض" ( الإصحاح الثالث – من كتاب العهد القديم)
=========
وقد أشار القرآن الكريم في أكثر من موضع إلى الكثير من الحِرف لبيان آثارها الواضحة الجلية .فقال:." وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديد ومنافع للناس" ..........."
وقال :" وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم."...
وقال:"أفرأيتم ما تحرثون.. أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعـون."
. وقال:"أُحلَّ لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم."
والعمل كما هو لكسب العيش فإن للعمل أهدافاً ووظائف اجتماعية و أخرى نفسية في حياتنا منها :
** يسبغ على صاحب العمل قيمة لا ينالها العاطلون .
** يعين المرء على تحقيق الذات.
** يمنح صاحبه الكثير من المشاعر الإيجابية نحو النفس ونحو الآخرين.
=============
فهل نجدد النظرة للعمل بمفهوم تربوي حياتي من منظور أشمل وأعم في مناهجنا التعليمية وبرامجنا الإعلامية وغيرها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.. سؤال يطرح نفسه ... فهل من مجيب؟؟!!

» النقرس ( أسبابه-أعراضه-علاجه -نصائح أخرى )